responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 488
[17] وَقَالَ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى [الضحى: 4] ثم وصف الدار الآخرة فقال: وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ.
وَقَوْلُهُ: جَنَّاتُ عَدْنٍ بَدَلٌ من دار المتقين أي لهم في الآخرة جنات عدن، أي مقام يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أَيْ بَيْنَ أشجارها وقصورها لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ كقوله تَعَالَى: وَفِيها مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ. [الزُّخْرُفِ: 71] وَفِي الْحَدِيثِ «إِنَّ السَّحَابَةَ لَتَمُرُّ بِالْمَلَأِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَهُمْ جُلُوسٌ عَلَى شَرَابِهِمْ، فَلَا يَشْتَهِي أَحَدٌ مِنْهُمْ شيئا إلا أمطرته عليه حَتَّى إِنَّ مِنْهُمْ لَمَنْ يَقُولُ أَمْطِرِينَا كَوَاعِبَ أَتْرَابًا فَيَكُونُ ذَلِكَ» كَذلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ أَيْ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ كُلَّ مَنْ آمَنَ بِهِ وَاتَّقَاهُ وَأَحْسَنَ عَمَلَهُ.
ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ حَالِهِمْ عِنْدَ الِاحْتِضَارِ أَنَّهُمْ طَيِّبُونَ أَيْ مُخَلَّصُونَ مِنَ الشِّرْكِ وَالدَّنَسِ وَكُلِّ سُوءٍ، وَأَنَّ الملائكة تسلم عليهم وتبشرهم بالجنة، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيها مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ [فُصِّلَتْ: 30- 32] وَقَدْ قَدَّمْنَا الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي قَبْضِ رُوحِ الْمُؤْمِنِ وَرُوحِ الْكَافِرِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشاءُ [إبراهيم: 27] .

[سورة النحل (16) : الآيات 33 الى 34]
هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (33) فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ مَا عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ مَا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (34)
يقول تعالى مهددا لِلْمُشْرِكِينَ عَلَى تَمَادِيهِمْ فِي الْبَاطِلِ وَاغْتِرَارِهِمْ بِالدُّنْيَا: هَلْ يَنْتَظِرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا الْمَلَائِكَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ لقبض أرواحهم، قاله قتادة [1] ، وْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ
أَيْ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَمَا يعاينونه من الأهوال. وقوله: ذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
أَيْ هَكَذَا تَمَادَى فِي شِرْكِهِمْ أَسْلَافُهُمْ وَنُظَرَاؤُهُمْ وَأَشْبَاهُهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَ اللَّهِ وَحَلُّوا فِيمَا هُمْ فيه من العذاب والنكال ما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ
لِأَنَّهُ تَعَالَى أَعْذَرَ إِلَيْهِمْ وَأَقَامَ حججه عليهم بإرسال رسله وإنزال كتبه لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
أَيْ بِمُخَالَفَةِ الرُّسُلِ وَالتَّكْذِيبِ بِمَا جَاءُوا بِهِ، فَلِهَذَا أَصَابَتْهُمْ عُقُوبَةُ اللَّهِ عَلَى ذَلِكَ وَحاقَ بِهِمْ أَيْ أَحَاطَ بِهِمْ من العذاب الأليم ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ أَيْ يَسْخَرُونَ مِنَ الرُّسُلِ إِذَا تَوَعَّدُوهُمْ بِعِقَابِ الله، فلهذا يقال لهم يَوْمَ الْقِيَامَةِ: هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ [الطُّورِ: 14] .

[1] انظر تفسير الطبري 7/ 581.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 488
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست